الجمعة، 10 أكتوبر 2008

نهر النزيف


يَكْسرُني شَكْلُ النهْرِ الجاري
أُسْرِعُ نَحْوي
يَصْرُخُ نَهْري قانا
صارتْ في الماءِ رِمالاً وَدِماء ،
صارتْ في الماءِ خَريفاً وشِتاء ،
قانا صوتٌ يَجْرحهُ الليلُ
وَيحْفرُ فوق الصخْرِ صَباحاً وفَضاء ،

يَكْسِرُني شَكْلُ البحْرِ الهادرِ
أسْجدُ للشمْس الحُبلى فوق قبابِ الريحِ
فَكوني فَجْري وَنهاري ،
….، في قانا شَعْبي
مَنْفى يَسْجُنُني في دَائرة ِالموتِ
فأمْضي وَحدي جُرْحاً وَرثاء ،

هذا النَهْرُ الجاري يكْبرُ ، يُسْرعُ
حولي ، خلْفي ، وَأمامي
كالقَبْرِ يشعُّ شهيداً وضِياء ،
وَيُنادي في ظُلْمةِ ليلٍ ثكْلى
عكّا بيتي ،
وهُناكَ هُناكَ ،
دِمائي أمْستْ فوق صَليبي خيلاً وَدُعاء ،

يَكْسِرُني شَكْلُ العالمِ في نفْسي
تَنْساني أُمّي ،
أهْربُ مِنْها ،
تَهْربُ مِنّي ،
وَكأنّي لا أُدْركُ أُمّي
يا أُمّي …..
فكّي عنْ عُنُقي طَعْمَ الجمْرِ الساري
فُكّي هذا الموجَ السابحَ في صدْري
في صَدْرِكِ …..
ضُمّيني ، لَسْتُ غَريباً
في ضِفّةِ نهْرٍ يَرْفعُ نَعْشي
هذا النّازِفُ
هذا الجامِحُ يَصْعقُني
هذا الحائرُ في أعْماقِ الأعْماقِ يُباغِتُني
في الزمنِ الدّامي
يَشْتعِلُ بُكاءً ماءً وَدِماء ،

حينَ أطيرُ بعيداً صوبَ رَحيلي
تذْرفُ دَمْعاً
داليتي الظّمْأى فوق سطوحِ البيتِ
تُناديني ،
بَلدي تَابوتٌ يَحْملهُ الصوتُ الدامعُ
قانا كَفني ،
كانتْ تهْمِسُ ،
يا رِيحي كُفّي عنْ رَقْص الرمْلِ بصحْرائي
قُرْبي ، حَولي ، وَورائي
يلْعبُ وَحْشُ الحرْبِ الطّاغي
يَقْصفُ بيتاً حَقْلاً وسَماء ،

حينَ أغيبُ بعيداً صوبَ حَياتي
تشْدو في الأرْضِ المحْروقةِ أشْعاري
أنْأى نحْو الحُبّ المكْسورِ
أَضيعُ ،
وَراءَ بِلادٍ فيها قَانا
تغْرقُ في القاعِ
وَفيها أرْضي تغْرقُ في الدّمّ الفائضِ
كالأمْواجِ معَ العاصِفةِ الأُولى
تَتْرُكُني داري ،
تَرْثيني ،
أَهْرمُ في غَاباتِ الحُزْنِ اليافعِ
نَزْفاً ، خَوفاً ، وَنداء ،

كَانَ البؤْسُ صَديقي
يَسْكُنُني في الدّرْبِ الواحدِ
في الصّبْحِ المدْفونِ
وَكُنْتُ صديقي
في اليومِ المَحْفورِ على وَجْهي
أشْرُدُ في مَاءِ النّهْرِ
قليلاً ،
وَيُصاحِبُني في العتْمةِ تابوتي
فالموتُ على بَابي
قدْ يأْتي ،
قدْ يأْتي الموتُ هُنا
يا صَوتي غرّدْ في المنْفى

حتّى لا يُمْسي الليلُ رِداء ،
حتّى لا يُمْسي الليلُ رِداء .

ليست هناك تعليقات: