الجمعة، 24 أكتوبر 2008


في يوم حريةٍ أولي

(من وحي عودة الشهداء )





شعرتُ بالفرحِ الأولِ عندما سمعت عودة الشهداء الي الأرض التي احتضتهم يوماً وإلي القلوبِ التي خرجوا منها ليعودوا إليها ملأي بالحياة، الحياة التي لم يفقدوها ولم تفقدهم واحداً واحدا.ً لم يموتوا ولكنهم زرعوا خطاهم فوق أرضٍ مقدسةٍ وعدوها وصدقوا وكما وعدتهم بأن تكون أمّاً لأجسادهم التي صارت في السماء كالطيور الأخيرةِ ههنا ودّعوا البحر من شرفاتِ الضوءِ حالمين بالفجر الجديد وبالشمس الجديدة بين الحلم والمعني قائلين: شكراً يا سيد الوعد المكلل بالنصر، شكراً يا سيد الأساطير الكبيرة في زمنٍ تغيّر من كلماتٍ مقاومةٍ الي واقعٍ مفعولٍ. كم كنّا نري فيك القمر الطائر في ظلام السجون ونري فيك ورد الطريق وصورة الوطن الذي يكبرُ رويداً رويداً من بعيدٍ. هناكَ نريدُك فينا كالقدس وحيفا ويافا وعكا وها نحن عدنا من شمال الزيتون الي جنوب الروح صوب المخيمِ والقُري صارخين في جدار الحدود، لم تنته المعركة فوق ذاك التراب المجبول بنور الله كالكواكب في كوخِ المسيح ِ، نحن عدنا إليكم ولكننا عائدون إلي فردوسها المفدي، يا أرضُ انتظرينا، يا أرضُ امنحينا صوت الريح لتصعقهم ونبقي شهداء المجد الأحياء ما دام الغيمُ يحجب ظل الشجيرات فوق تلالٍ رحبةٍ والخريفُ يجيءُ كلما شعّت نجوم البرق ،تبدّل الدرب ،وعاد الشهداء ،في يوم حريةٍ أولي.

باسل عبد العال
2008/07/29

الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

قصائد للريح




للريحِ قلْبُ الأرْضِ


حين تشنّ في الطّرقاتِ خطوتها


وَيهْدأ في ظلامي


ما تبقّى من شُعاعي


هلْ هُناكَ ، وهلْ هُنا ؟؟


يبْكي الشتاءُ كما يشاءُ


وينْتهي في الرَيحِ نصْفي للصّدى،


كلّ المدائنِ حاربتْني


والمدى شكلُ الحُروبِ


وصوتُ بحرٍلمّ ذاكرتي


وألقاني على صدرِ المخيّمِ واختفى ،.






ريح –




للرّيحِ نفْسي


حينَ تنأى عن بلادٍ


لم أراها لم تراني


،كلّما أغمضتُ عيني في ضجيجِ الحُلمِ


طارت من أمامي


كالعصافير الصّغيرةِ


واختفى شكلُ الغروبِ


كأنّها قمرٌ يُبللني


فأنأى في صقيعِ الحبّ


أنتِ وسادتي لا حُلم دونكِ


يرتديني في المرايا والعويلْ ،


وسقطْتُ في شغفي وريحي


ليس فيها ما يثيرُ الأرضَ


في زمنٍ بلا فجْرٍ وناياتِ الهديلْ ،.



شعر : باسل عبد العال
نهر للبيت وقلبي


أتذكرُ البيت جيّداً حين يراودُني غيابي عنهُ ، وارتجفُ قليلاً أمام النافذةِ الصغيرةِ حين أحدقُ أو أرمي نظرةً على الرّصيفِ البعيدِ ، أقولُ :آن أوان الرّجوع الى داليةِ البيتِ وأمي هناك في شمالِ البلادِ قرب البحرِ والنهر الباردِ ، طال غيابي وطالت شجوني وأحلامي لأنها الحرب التي مزّقت شكل البيوت وبعثرتنا في رمادِ المكانِ المدفون فينا ، منفى أسميه ويسميني الغريب في بحار العالم كالرياحِ ، هل يهدأُ البرق ؟ ويعودُ الجلادُ الى صوابهِ ، ونعيدُ للحياةِ صوتها المكسور بين الدم المنثور على أرض المخيم ، والناس كطيور الجنّة في كل واحدٍ منهم قصيدته وقصّته يكتبها بنزفِ أصابعهِ ويسأل : أين أموت ؟ وكيف أحيا ؟ في عويلِ الرّكامِ والعواصف فوق البيوت التي أمست حريقاً لنا ،هكذا أتذكرُ البيت في غربةِ الروحِ وملامح الموت المنتظر وملامح الموت الذي مضى مع النّهرِ الى النهرِ ، هكذا أتذكرهُ وكأنّي أسألهُ : ماذا تريدُ يا موت من تينةِ البيت ؟ هل أساءت لكَ ؟ وهل أساء الربيع ؟ وهل أساء الأصدقاءُ والجيرانُ والعصافيرُ حين تُغردُ للنّهار المخيمي ؟ يا موت اعترف بأنّكَ أشعلت للطفولةِ نار الصليب ، يا موت اعترف بأن لك في حديقةِ البيتِ كوخاً وفي نبضِ القلوب سهماً وفي قبر القبور قبراً يعرفنا ونعرفهُ حين يدخل فينا ويبدأ مثل الأفعى في شهر آب ، تلسعنا ولا ندري من أي وكرٍ خرجتَ وأنت الذي تأتي بلا موعدٍ في هذا الربيع الدامي لمجزرةٍ فلسطينيّةٍ تدعى ( نهر البارد ) وسط الدمار والأمواجِ ، أيها النهرُ يا ذاكرتي ونفسي الثكلى بأيامها وأفكارها ، كم رأيتك في منامي وذرفتُ دمعاً عليكَ ، ووقفتُ أمام نافذتي الصغيرةُ كي أرى الصحراء برملها وسرابها ، فرمتني الريحُ الى الأفقِ البعيدِ ، فوجدتُ أنّي سجينُ هذه الشمس التي ملأتني بنارِها ،لأنّي أناديهِ باسمهِ (( منفى وطعم العذاب )) هناك في الصيف الحار ، ليس سوى الرمل وليس سوى الدموع والحنين الى فجرنا المقدّس ، هو فجرنا المقدس ، هو جرحنا وصلاتنا وكتابنا ،هو الصباح والمساء ، هو الشروق والغروب ،هو .... ما أقسى الحياة بدون البيت .


باسل عبد العال14/8/2007


هذه مقالة القيت في ندوة ادبية في ابوظبي بالمسرح الوطني

.في ظلامِ النهر والمنفى...






صَدقتَ عِنْدما قُلْتَ لي بأنّكَ سوف تكْبرُ في غِيابي عنْكَ لسنواتٍ تُشْبهُ الرّماد ، لا تبْكي يَا صاحِبي ، أعْطِني يوْمكَ الدّامي لأروي ما حدثَ أو لأحْفُر على تينةِ البيتِ أيّامي فيكَ ، لأنّني لمْ أكنْ معهُمْ في المواساةِ والمأْساةِ فها أنتَ صدقْتَ عِنْدما قلتَ لي بأنّكَ سوفَ تكْبرُ وتدْخُل في ملْحِ أخيكَ المذبوحِ منذُ ثلاثينَ عاماً وبأنّكَ سوفَ تنجبُ زعتراً وشهداءً ، دعْني أُخففُ عنكَ همّكَ وأصيغُ بأصابعي ما حدَث ، ضاقَ بي وجْهُكَ المخيميُّ النّائمُ في قلبِ وادٍ بينَ التلالِ والبحْر ، هكذا علّمتْني الغُربة أنْ أعبدَ الماضي وانْ كانَ موتاً يَا صديقي المُفدّى بالمدائحِ والأغاني والمطر ...أعِدُكَ بأنْ أراكَ ولو لِساعةٍ تثيرُ في داخلي دهشتي وتصْنعُ من زمانِ الغرائبِ خيط المُعجزات واللقاء السريع منْ على تلّةٍ يسمونها (تلّة الستْ) التي تطلُّ عليكَ بكاملكَ المتربّعِ فوق بعضهِ البعض ، وَأعدُكَ بأنْ أراكَ ولو فوق مرْكبٍ يُصارعُ أمْواج الرّحيل ، وَأكْتبُ على دفْترِ الشّمْسِ ذكْراكَ مثْلما صاغَ أبي بأصابعهِ العشرِ (( زهْرةِ الطين )) أُمْسِكُ طينكَ الممزوجِ بالماءِ والنّارِ أعصرهُ وتسألُني هلْ بدون الطينِ يولدُ البشر ؟؟ فتأْتي الرّيحُ مثل نسْرٍ على وجهي الدّامعُ من نكسةٍ صدئةٍ وأنتَ واقفٌ أمامي على صهوة الوجعِ المقدّسِ بيتاً بيتاً ، وَكنْتُ سمّيتُكَ عنْ ظهرِ قلْبٍ ((نهر الجليد )) في احدى القصائد ووضعتُ القصيدة جانباً واكتفيتُ بقولِ ابي تمام (( السّيفُ أصْدقُ أنباءً مِن الكُتُبِ)) مع اهتزاز اليدِ اليمنى وخوف النفس من المشهد المباغتِ في نكبةٍ أخرى ومجهولٍ يحاولُ أن ينبثق منْ تُربةٍ امتزجَ فيها الرّوحُ بالقبرِ .....تسْالُني للمرّةِ العشرينَ وأُجيبُكَ مرّة لأنّ هُناكَ أسئلةٌ ما لها أجوبة ، وأقولُ تعبْتُ من السياسةِ وتجْميعِ المواضيع وحصْرِها في فكْرةٍ تتسعُ لقصيدةٍ وَطنيّةٍ وسط احتِراقِكَ وأقولُ لا تنقصُكَ قصيدةً بل صيحةٍ تصلُ (الشارقة ) وترجعُ اليّ لتقولَ بأنّها لمْ تُنْقذُ أهْلكَ الباحثينَ عن قِطعةِ خُبْزٍ أو كوب ماءٍ فيكَ من الشّارعِ العامِ الذي يَقسمكَ الى قسْمينِ وأهلكَ اللذينَ يواصلونَ مسيرة التيهِ بلا ذنْبٍ اقترفوهُ أو جُرحٍ ينهضُ فيهُمْ ...فلماذا قتلوكَ ؟ ربّما لأنّكَ كُنتَ تشعُر بالفرحِ من وراءِ منديلٍ تساقطَ من سمائِكَ الصافيةُ .... بأي ذنْبٍ قتلوكَ ؟ ربّما لأنّكَ كُنتَ ترْقصُ في عُرس ، وما شأنُكَ باللصوصِ ان دخلوا وان خَرجوا ؟ وَمنْ هو العدوُّ الشّقيقُ أم الغريبُ ؟ ربّما الغُيوم التي لمْ تمطرْ فوق صحراءِ الآخرينَ ضوءً وأحْلاماً للصّغارِ النّائمينَ بلا جنازةٍ او فراشٍ عتيقٍ ،لا نجمٌ فوقكَ ...لا قمرٌ يضيءُ النفس الحالكة ، وَلا ماضي يرسمُ أيّام الطفولة في ساحة البيتِ ، وَلا يدٌ تعيدُ القذيفة الى صاحِبها كلّما حادتْ عن مسارِها في الظّلامِ الكثيفِ ، وَلا ورْدَ يضحكُ في مزهريّةِ الرّوحِ المثقوبةِ منْ شدّةِ الشوقِ ، والسّماءُ تبْكي ...والفضاءُ دُخانٌ على ضفافِ النّهرِ،ومضينا أنا وأنتَ لنصْمُدَ فوق العواصِفِ والرّعودِ لنوحّد الحلمِ المقدّسِ والطّريقِ ...الحربُ ليستْ لنا ...ولكنّ لون البطولة في الهواء ، وعشْنا هُناكَ قرب السّياجِ الأخضرِ والحجارةِ والحاراتِ بعتمتِها في أكواخٍ لا تزورها الشمسُ ، وأنت الذي وعدتني بأنْ نلتقي تحتَ شجْرةٍ وفنجانُ قهوةٍ فجريّةٍ على صوت الطّفولةِ يا صديقي المثقلُ برائحةِ الليلِ والذّكرى ..اصمدْ واهتفْ ..حيّ على الصّمود ، ماذا يريدُ اللصُّ منّي ؟يختبأُ وراء الناس كي يموتوا ويبقى حاملاً سيفهُ دون هدفٍ أو لهدفٍ لا يقنعُ البسطاء ،مَا تعوّدتَ أن تموت في احتفالِ الرّصاصِ ويومَ زفاف الحقيقة والوضوءِ منْ نهر النزيفِ للصّلاةِ على الألمِ والشجونِ والأمنياتِ الكبيرةِِ ، أعرفُكَ منْ غُروبِ البحرِ وخندقٍ مُعتمٍ يشهدُ على ما أثمروهُ آبائنا وجئْنا نحنُ كي نبنيهِ مقعداً على شاطىءِ البحرِ كلّما تذكرْتُ ذاك المكان كانَ يراودُني قمرٌ يقولُ لي ( في هذا الخندق كانت غُرفةُ أبيكَ في يومِ النّضالِ الطّويلِ) فاشهدْ على ما قدمتهُ الخنادقُ القديمةُ لكَ ولأخيكَ لتحيا سعيداً في هذا العالمِ المخيميّ الأسيرُ مثل القلبِ والطّليقُ مثل السنونو في صبحِ أحلامهِ ،أرفعُ يدي وَأنا أرتجفُ بتحيّةٍ قدْ تصلُ وقدْ لا تصلُ في هذا الأُفقِ المسدودِ بالحرائقِ والخرابِ ، دعني أراكَ ولو لساعةٍ من على تلّةٍ يسمونها (تلّة المحمّره) التي تُطلُّ على نفسكَ الدّامعةِ اللامعةِ في هجُومِ الضّبابِ والحربِ ، رأيتُكَ في منامي ورأيتُ نفسي تمشي على الجسرِ فوقكَ وتردّدُ (غربة العاشق وسماء المخيم ) التي كُتبت كي تكون صورةً على جدار الغيابِ لكي أراكَ في الخيالِ والواقعِ في القصيدةِ والحياةِ حين يُباغتُني اسمكَ الشتائيّ وَصيفي الحار ، والنهار هكذا كانَ ينبُضُ في قلبي كاحتراقِ الحبّ من نظرةٍ أولى واحساسٍ خفيٍّ ، نهارُكَ مشتعلٌ في شغفي اليكَ وحنيني الى مطر الشّتاء فوق السّطوحِ ، بكيتُ لأنّني شعرْتُ بالصوتِ الصّارخِ يَصقُلُني ويُثيرُ في داخلي غيرتي عليكَ ، فانهضْ من ثلْجِ الزّمانِ يا حبيبي فهلْ من وسطِ الحواجزِ أستطيعُ العُبور ؟؟ نجمٌ ضليلٌ يحاولُ أن يُطارد الغيم الأسود في فضاءٍ فسيحٍ ، قلتُ سأصرخُ لكن صوتي لا يعيدُكَ الى ذراعي وَطيني ، ما زلتُ في المنْفى ولمْ نلتقي منذُ عامٍ لأنّها الحربُ التي غيّرت شكلكَ لكنّها لم تغيرْ معناكَ وسرّ المجْدِ فيكَ وفي جنونِ الصّباحِ المُبللِ بالنّدى وضجّةِ الأمواجِ على شاطىءِ حارةِ ( الدّامون ) ....آهٍ على جُرحِكَ المخمورِ بالأيّامِ .....آهٍ على ضريحي فوق أكفٍّ أدمنتْ جمر البُكاء .... آهٍ علينا في هذا الكفنِ الجماعيّ والمسافات الطويلة قطعناها بعشقِنا للجنّةِ الموعودةِ هي الأرضُ ، الأرضُ بأرضِها وناسِها وأسماءها وأشيائها ....وَلا ممرّ ليخرجوا من زحامِ العاصفةِ الأولى ويدخلوا في مكانٍ ما يليقُ بمنفاهم ،كيف تغيّروا في نهارٍ يشبهُ الماضي ؟ وما أتعبتهم براكينُ التاريخِ من رحلةٍ طالتْ وأشرعةٍ ما عادت تمسكُ الريح من كثرةِ الثقوبِ داخلها ، منْ مات منهُم ؟ ومن مازال يرفعُ الأعلام عالياً عالياً ؟ والجرحُ كالأفعى مازال يتشبثُ بأكواخِهمْ ، أيُّها النّهرُ يا نابعاً من بحيرةِ ( المشروعِ )، يا ساجداً فوق الحصى ، اشهدْ على خنجر العاصفةِ والبرقِ من أعالي السماءِ الى رؤوسهمْ ، أيها الزّمانُ اشهدْ على قتْلنا مرتينِ والرّحيلُ الى جهة السرابِ ، يا نهرُ ..يا جارنا الحميمُ كم أحببناكَ وانزرعنا قُربكَ كالعُشبِ حول الضّفافِ وكُنّا نقطِفُ الفرفحينة ونُغنّي للدّربِ الطّويلِ ونردّدُ أغاني فيروز (سنرجعُ يوما الى حينا ) وكانَ صوتُ فيروز يجرحُنا وصوت فيروز كان شمس الصّباح تشرقُ من خلف التلالِ بين المُخيم والبحر ،هكذا ملأَت عذاباتُكَ حُنجرتي وفكرتي وَأنا أركُضُ وراء الخبرِ العاجلِ لكي أتأكّد ، هل ما زالتْ أُمي والآخرين على قيد الحياة ؟؟ودفاترُ أشعاري هُناكَ ، هل قرأوها ؟ ليعرفوا بأنّنا عُشّاقُ الياسمين والزّنبقِ في أحواضِ البيتِ ، تركتُ كلماتي ليعرف الغزاة بأنّنا كائناتٌ من ماءٍ وطينٍ وقلبٍ يفتقدُ الرّبيع ، لا تُآخذنا أيُّها الصّيف لأنّنا ضللنا الطريق اليكَ ولمْ نعبر مثلما يعبُر الآخرين من فصلٍ الى فصلٍ واثقين ما بعدهُ أمّا نحنُ ففي كلِّ فصلٍ وفصلٍ بركةٌ من دمٍ ينبثقُ مثل الشقائقِ من تربةِ الزمنِ الصامتِ ، والصمتُ كانَ في كلّ واحدٍ منّا ولكلّ واحدٍ منّا صمتهُ الخاص في العالمِ المخيميّ الطّليقُ مثل الفراشاتِ والأسيرُ مثلنا في وردِ أحلامهِ ،




باسل عبد العال

الأحد، 12 أكتوبر 2008

عَائد لكي أرى أُمّي....

عَائد لكي أرى أُمّي....


تأتي إلى البيتِ الذي سُرقت نوافذهُ
أمام البحرِ في الحربِ الأخيرهْ ،...

تبكي وتغسلُ بالدموعِ
غصون داليتي ،
وتسألُ عن جدارٍ قد هوى
في ليلةِ الجرحِ الأسيرهْ ،....

وأنا أراها في الصباحِ
وحين أذكرُ ما تناثرَ من نواحٍ
قرب حيٍّ ههُنا
أهوي ،
كأنّي في صراعِ النّارِ
عدتُ لكي أرى أُمّي
هُناكَ لكي أُقبّل وجهها
كالطيرِ في سفحِ المنافي
يشتهي وجهَ الربيع
وعدتُ من صحراءِ أسفاري
ومن نفسي إلى حلمِ الزّيارهْ ،...

ماذا تغيّرَ في هدوءِ الليلِ؟؟
في وجعِ السّماءِ
وفي صدورِ النّاسِ
من ألمٍ كصوتِ الرّيحِ
حين بكتْ على وردِ البيوتِ
وطارَ قلبُ النّهرِ
صاحتْ قطرةُ الدمعِ الكبيرهْ ،:
أين المدائنُ ؟
أين عكّا والجليلُ ؟
وعدتُ من طرقِ الضّبابِ
إلى مطارِ الغيبِ
حيثُ أطيرُ في وهجِ الغيومِ
لكي أراها،
باحثاً عن ذكرياتٍ
لمْلمَتْها من رمادِ الحربِ
عن صورِ المكانِ
وعن حروفِ الخاطرهْ ،....

في شهوةِ الأحلامِ
كي يبقى لها قمري الضئيلُ
وحولها ،
أُمّي وما نطقتْ بهِ أشعاريَ الأُولى
وما باحتْ بهِ أفكاريَ الأُولى
على ورقٍ يُناديها
ويصمتُ كلّما غابتْ ،
وعادتْ مع نسيمِ الذاكرهْ ،.

شعر: باسل عبد العال
5/9/2008
صباح الجمعه

فجر الحكاية


تختارُ درباً ،
كالحصانِ يطيرُ في قلقِ الخيالِ
إلى السفوحِ
وشمسِنا ،
حين الحنينُ يراودُ الروح الجريحةُ والهوى
يا سيّد المعنى
وَيا أُفق الحكايةِ
حين تغزوها الرياحُ
وأرضنا ،
تختارُ درباً
تسلكُ المنفى
وَتصنعُ من كلامِ البحرِ
صورةَ نورسٍ
تحت الغروبِ وفوق أحلامِ القمرْ ،...
عكّا تبدّلُ وجهها
وتحنُّ للكلماتِ في ألقِ الروايةِ
أنت فارِسُها
وأنت تسيرُ في طُرقِ الحياةِ
إلى السماءِ
على تلالِ الأرضِ
تبلغُ زهوَها ،
عبروا هناكَ ومن جهاتِ الضوءِ
ساروا ،
كيف كانوا في حريقِ البيتِ ؟
تكتبهمْ وترسمُ في الثرى
ناي المطرْ ،
ما زلت تنشدُ في الحروبِ
ملاحم الحبّ العريقةِ
تسألُ الغيم البعيدِ
وعن ضبابٍ في الزمانِ
وليلُ مجزرةٍ
يقيمُ على خرائِطنا
فأين النجمُ في غبشِ الحقيقةِ ؟
أين مرآة المكان ؟
ونحنُ ننزفُ والوصايا
ما تزالُ
وما يزالُ الزّهرُ ينبتُ في الحديقةِ
تحت زخّات المطرْ ،...
انهض إلى الفجرِ الجديدِ
نراكَ فينا ،
بينَ أيدينا ،
شهيد الفكرة الحبلى
وطيّرْ في الفضاءِ
هُناكَ حيثُ تدقّ أجراسُ الكنيسةِ
للعصافيرِ الصغيرةِ
واسمكَ المحفور في الزيتونِ
خذ أحلامنا
واركبْ حصان الرّيحِ
في الرّيح الطّليقةِ
حيثُ تبتسمُ السهول لقدسِها
طيّرْ يمام اللونِ بالألوانِ والمعنى
يصيحُ الوقتُ فينا
يا شهيد الفكرة الأولى
ويا رمز الولادةِ
في الكتابةِ
حين تولدُ في الرّبيعِ
ونشتهي وجه الحجرْ ،...
قلنا كلامُكَ كالسّنابلِ والنّدى
قلنا نداءكَ كالصّلاةِ
فقلْ لنا...
كيف انطلقتَ ؟
وسال حبرُكَ بالزنابقِ وانتصرْ ، ...

9/7/2008

السبت، 11 أكتوبر 2008

زُهور لِسيّدةِ الأُسْطورهْ



عَلى ذَرْواتِ أَيّامي
يَثُورُ الصّمْتُ ،
يَبْقى في حَريقِ الدّهْرِ وَرْدي
لا يُعانِقُ جَنّتي
في تُرْبةٍ حُبْلى
وَلا يَنْمو على كَفّي ،

فَكيفَ أَراكِ في الصّحْراءِ ؟؟
وَالصّحْراءُ نَاري واحْتِراقي
في زَمانٍ جَائعٍ
يَجْري على الأَرْضِ الكَئيبةِ ، أَرْضِنا
نَهْرٌ تُعانِقهُ دِمانا
في سريركِ ، في سَريري ، في سَريرِ الموتِ
قوْمِي ، ثَوبُكِ النّاريُّ أَجْملُ مِنْ ثُلوجِ الأَرْضِ
سَيّدتي ،
جِراحي أَينَعتْ وَطَناً
عَلى ذَرواتِ وَقْتٍ مِنْ قُبورٍ
كُلّما كَثُرتْ عَلى صَدْري وَصدْرِكِ
صَارتِ السّاعاتُ تأْخُذُني
اليكِ ، كأَنّني طيْرٌ عَلى جَبَل الصّليبِ
كَأنّهُ زَهْو انتِصاري فِي الثّرى
قُوْمي ، شُموخُ الشّمْسِ في كَفّيكِ
سَيّدتي ،
هُنا لِلْجُرْحِ في قُدْسي
شُعاعُ الفَجْرِ
يَكْبُرُ ، حينَ نُعْلِنُ أنّنا
مَا زَالَ في دَمِنا
سَبيلُ النّصْرِ مِثْل البحْرِ
في دَمِنا ،
رَحِيقُ الزّهْرةِ الثّكْلى
وَعكّا حينَ نُعْلِنُ أنّها
نَجْمٌ عَلى كُتُبِ السّماءِ
هُناكَ ، يُشْرِقُ فَوْقَها قَمَري الضّئيلُ
هُناكَ ، يَبْقى فِي حَريقِ الدّهْرِ وَرْدي
لا يُعانِقُني
أَساطِيري عَذاباتي ،

سَمائِي ما تَزالُ
وَما أَزالُ أُكابِدُ الاعْصارَ في الأَعْماقِ
أُعْلِنُ : يَا زُهورَ الجَمْرِ فِي رُوحِي
بِلادِي أَنْتِ مِنْ أَلقٍ
فَفيضِي ، مِثْل نَهْرٍ في بِحاري
عَلّميني ،
كَيفَ تُولدُ في مَدينتِنا ؟
بُذورُ النّارِ
في زَمنٍ أَسيرٍ
يَا شِعارَ الحُزْنِ في قَلْبي
عَذابَاتي أَساطِيري ،
وَنَجْمي يَخْتفي في جوقةٍ أُخْرى
وَفي يافا
عَزائي مِثْل عُرْسٍ عَاصفٍ
في وَجْهِ أعْدائي
وَنَجْمي لا يُنيرُ ظَلاميَ العَاري
وَأوْلادي ،
تُباغِتُهمْ رِماحُ اللّيل في سِجْنٍ
لَنا في كُحْلهِ وَجَعٌ
يُمزّقُنا ،
وَفي ضَوءٍ عَلى الأَكْتافِ يَسْمو
نَحْو رَايَتِنا
بِلا تَعَبٍ ، وَيُنْثرُ فوْقَ قشْرةِ أَرْضنا
حُلْما ،…

انْظُرُ في الضّبابِ الدّامس

أنْظُرُ في الضّبابِ الدّامسْ ،،
أسْمعُ صوتكِ
كالرّعْدِ يُنادي وَجْهي البائسْ ،
هَلْ أنْتِ نُجومَ السّماءِ ؟؟
أضيئيني ، حتّى ينْصعِقَ الليلُ الراقدُ في كَفّي
مِثْل الذّكْرياتِ الثّكْلى

أنْظُرُ في الضّبابِ الدّامسْ ،،
يَكْتُبُ الغًيمُ الأسْودُ ظُلْمتهُ
ماذا يَبْدأُ الآن ؟؟
تَكلّمْ أيّها الأُفقُ النائي
أيّها الحارقُ البارقُ اليابسْ ،
مِثْلَ حِجارةٍ في الصّخورِ
تكلّمْ ، انّي تعِبْتُ منَ الزمنِ الصامتِ حولي
أعْضائي تهْرمُ
والزّهْرُ الحاملُ لونَ الموتِ
يظْهرُ ،
يكْبُرُ في أرْضٍ أُخْرى
أرْضٍ منْ طُقوسٍ
يَحْرسها اللهُ ، يُمْكِثُ فيها حارسْ ،

أنْظُرُ في الضّبابِ الدّامسْ ،،
يَأْخُذُني ،
يتْبعُني في زقاقٍ بعيدٍ
يُقدّسُ أُمْنيتي
هذا الرافعُ عصْرَ الحُزْنِ
فوقَ فضاءِ الأطْفالِ
فوقَ جِبال الأيّامِ الظّمْأى
كمْ أحْرقَ ذاكَ الحُزْنُ جبيني
كمْ أطْفئني
قُرْبَ الأضْواءِ المكْسورةِ في الفجْرِ العابسْ ،
تهْوي النّظْرةُ
تذْبحُني ، أعْمى يَلْهو في درْبٍ مزْدحمٍ بالليلِ
وَلا يزْهِرُ النّجْمُ
لا تشْرق الشّمْس
والرّمْلُ في السّاحاتِ الكبيرةِ أعْمى
صارَ ريحاً وَحريقا
صارَ جُرْحاً
هذا الصامتُ حول شِراعٍ يفْنى
في بِحارِ الوحوشِ التي تنْهشُني
بلداً ، بلداً
ً
أنْظُرُ في الضّبابِ الدّامسْ ،،
يَثْقُبُ البرْكانُ حروفَ القصيدةِ
تبْكي الأغاني على طائرٍ ميّتٍ في طريقي
شجرٌ نائمٌ
لا يثْمرُ اّلا سمّاً
منْ عويلٍ ، ومنْ صحْراءٍ تكْويني
منْ خشوعٍ ، وَمنْ سِجْنٍ يخْفيني
ماتتِ الأَحْلامُ ……….
وَعكّا ، أزْهاري المجْروحةُ في نهْرٍ يَجْري
يرْسمها أبي في سِفْرهِ
ذاكَ الخالدُ في أعْماقِ النّاسْ ،
ها هيَ تنْهضُ
حتّى تلْبسَ ثوبَ العُرْسِ الباقي
عِنْد مرايا النّبعِ المتدفّقِ بالدّمِ منْ أوّلِ القبْرِ
حتّى زُرْقةِ تلْكَ السماءِ
وبينَ أنين الريحِ على أجْراسِ الكنائسْ ،
يا بعْدي
ويَا قُرْبها
حاضرةٌ في ضوءِ الرّوحِ
وَحاضِرةٌ في ورْدةٍ تنْبتُ بينَ زفيري وَشهيقي
حاضرةٌ مثْل العَقْلِ
يَا قرْبها
ها هيَ تلْمعُ منْ بعيدٍ
والثّلْجُ يُدثّرها
كوخٌ أبْيضٌ في النّسيمِ الباردِ
تلْعبُ فيهِ النّوارسْ ،

أنْظُرُ في الضّبابِ الدّامسْ ،،
يَصْدأُ العُمْرُ
تهْلكُ تلْكَ المدينةُ منْ حولي
أهْربُ ،
كالخائفِ منْ وجْههِ العاجزِ
كالباحثِ عنْ وجْههِ الطّفْلِ
يَا عينيّ احمليني الى نورٍ ناضج ٍ
يَا موجي لامِسْ حدودَ اليابسْ ،
يزْهو الحُلْمُ
يُشْرقُ ذاكَ القمَرُ اليافعُ
في الليلِ يَرْقى
يَمْنحُني شمْعةَ الميلادِ الآتي
الى شرْقي
وَالى القُدْسِ الحُبْلى بالفوارسْ ،

أسْمعُ صوتكِ
كالرّعْدِ يُنادي وَجْهي البائسْ ،
هَلْ أنْتِ نُجومَ السّماءِ ؟؟
أضيئيني ، حتّى ينْصعِقَ الليلُ الراقدُ في كَفّي
مِثْل الذّكْرياتِ الثّكْلى

أنْظُرُ في الضّبابِ الدّامسْ ،،

الجمعة، 10 أكتوبر 2008

نهر النزيف


يَكْسرُني شَكْلُ النهْرِ الجاري
أُسْرِعُ نَحْوي
يَصْرُخُ نَهْري قانا
صارتْ في الماءِ رِمالاً وَدِماء ،
صارتْ في الماءِ خَريفاً وشِتاء ،
قانا صوتٌ يَجْرحهُ الليلُ
وَيحْفرُ فوق الصخْرِ صَباحاً وفَضاء ،

يَكْسِرُني شَكْلُ البحْرِ الهادرِ
أسْجدُ للشمْس الحُبلى فوق قبابِ الريحِ
فَكوني فَجْري وَنهاري ،
….، في قانا شَعْبي
مَنْفى يَسْجُنُني في دَائرة ِالموتِ
فأمْضي وَحدي جُرْحاً وَرثاء ،

هذا النَهْرُ الجاري يكْبرُ ، يُسْرعُ
حولي ، خلْفي ، وَأمامي
كالقَبْرِ يشعُّ شهيداً وضِياء ،
وَيُنادي في ظُلْمةِ ليلٍ ثكْلى
عكّا بيتي ،
وهُناكَ هُناكَ ،
دِمائي أمْستْ فوق صَليبي خيلاً وَدُعاء ،

يَكْسِرُني شَكْلُ العالمِ في نفْسي
تَنْساني أُمّي ،
أهْربُ مِنْها ،
تَهْربُ مِنّي ،
وَكأنّي لا أُدْركُ أُمّي
يا أُمّي …..
فكّي عنْ عُنُقي طَعْمَ الجمْرِ الساري
فُكّي هذا الموجَ السابحَ في صدْري
في صَدْرِكِ …..
ضُمّيني ، لَسْتُ غَريباً
في ضِفّةِ نهْرٍ يَرْفعُ نَعْشي
هذا النّازِفُ
هذا الجامِحُ يَصْعقُني
هذا الحائرُ في أعْماقِ الأعْماقِ يُباغِتُني
في الزمنِ الدّامي
يَشْتعِلُ بُكاءً ماءً وَدِماء ،

حينَ أطيرُ بعيداً صوبَ رَحيلي
تذْرفُ دَمْعاً
داليتي الظّمْأى فوق سطوحِ البيتِ
تُناديني ،
بَلدي تَابوتٌ يَحْملهُ الصوتُ الدامعُ
قانا كَفني ،
كانتْ تهْمِسُ ،
يا رِيحي كُفّي عنْ رَقْص الرمْلِ بصحْرائي
قُرْبي ، حَولي ، وَورائي
يلْعبُ وَحْشُ الحرْبِ الطّاغي
يَقْصفُ بيتاً حَقْلاً وسَماء ،

حينَ أغيبُ بعيداً صوبَ حَياتي
تشْدو في الأرْضِ المحْروقةِ أشْعاري
أنْأى نحْو الحُبّ المكْسورِ
أَضيعُ ،
وَراءَ بِلادٍ فيها قَانا
تغْرقُ في القاعِ
وَفيها أرْضي تغْرقُ في الدّمّ الفائضِ
كالأمْواجِ معَ العاصِفةِ الأُولى
تَتْرُكُني داري ،
تَرْثيني ،
أَهْرمُ في غَاباتِ الحُزْنِ اليافعِ
نَزْفاً ، خَوفاً ، وَنداء ،

كَانَ البؤْسُ صَديقي
يَسْكُنُني في الدّرْبِ الواحدِ
في الصّبْحِ المدْفونِ
وَكُنْتُ صديقي
في اليومِ المَحْفورِ على وَجْهي
أشْرُدُ في مَاءِ النّهْرِ
قليلاً ،
وَيُصاحِبُني في العتْمةِ تابوتي
فالموتُ على بَابي
قدْ يأْتي ،
قدْ يأْتي الموتُ هُنا
يا صَوتي غرّدْ في المنْفى

حتّى لا يُمْسي الليلُ رِداء ،
حتّى لا يُمْسي الليلُ رِداء .

خارج الأحلام

لا أجد نفسي خارج الأحلام كلما فكرتُ في الحلمِ الذي يراودُني في لحظة الفجرِ ، لقد كنتُ في الليلِ أُرددُ كالببغاءِ ما يتلوهُ الألم عليَّ ، إن فكرتُ ضعتُ في كحلِ الخيالِ وإن كتبتُ وجدتُ البحر في يدي ، من أنا في الظلامِ الواضحِ كالصحراءِ في الريحِ الطليقةِ يا أمّي اذكريني لأكشف نفسي فوق السرير الصغير حيث أنام وينامُ ظلُّ الحلم قربي ، يظهر ويختفي كأشكالِ الغيومِ في زرقةِ السماءِ ويحملني فأنشدُ : سوف أكتبُ حتى ينهضُ الحب في نبضِ الزمانِ ويخضرُّ المكان كصفِّ النخيلِ على حدودِ الطريقِ الممتدِّ من الصحراءِ إلى البحرِ حيث نفسي تنصتُ إلى نفسها وتسألُ : كيف يبدأُ سرُّ الحب في دفتر الذكرياتِ ؟ وتصرخُ نفسي في المجهولِ ، اتركني لأرى ضوء النهارِ في جسدي المتناثرِ ، سوف أكتبُ صورة الحلم حتى ألمسهُ ويلمسني كأصابعي ، يا أيُّها الحلم الصغير إلتصق بي لأحيا في صباحٍ ربيعيٍّ يصنعُ فسحة الفرح الأول داخلي فأنا في ساعةٍ ثكلى أحاربها بالقصيدةِ والمعنى لأهزمها وتنتصرُ المفردات على وجعٍ آتٍ يغزو الروح ويفرغها ،
لأنني مؤمنٌ بعشقِ الحياة رسمتُ القمر على إحدى صفحاتِ الروايةِ ورحتُ أجلسُ قرب النهرِ حيثُ صورة الماضي وأيام الطفولة ، هل سينساني النهرُ ؟ يا نهرُ كما وعدتُك بأن أراك سأراك في قلبي وفي الحلم الكبير ومع شروقِ الشمسِ قرب البيتِ الصغيرِ وحواجز الجنود على كل جهاتِ البيتِ ، سوف أكتبُ لأجد ذاتي في ألقِ النورِ يسطعُ هُنا وهُناكَ وأُمنيتي في دربِها الصاعدِ إلي صُبحٍ جديدْ.

باسل عبد العال
30/7/2008
مساء الأربعاء

الخميس، 9 أكتوبر 2008


لو كنّا معاً
ناديتُ من جهة الرياحْ ،
الى الصديق الشاعر هشام يعقوب
أين السبيلُ إليكَ ؟
أين الضوءُ
في رئةِ الصباحْ ؟
فتعالَ في الحلمِ الأخيرِ
لكي نعود إلى القصيدةِ والصّياحْ ،
ناديتُ من جهةِ الرياحْ ،
كلماتنا فينا
كأرضٍ لا تموتُ من الحرائقِ والجراحْ ،
هيّا إلى النّهر البعيدِ
لنرسم الذكرى الجديدةِ
يا شقيقي في متاهتِنا
وفي صيفٍ سيأتي
نحو عاصفةِ الشتاءِ
إلى غدٍ
من بقعةِ النورِ المقدّسِ والحياةِ
إلى فضاءٍ مشمسٍ
فوق المخيمِ والنواحْ ،
ناديت من جهةِ الرياحْ ،
وأنا أصيحُ إليكَ
لو كنّا معاً .
/6/2008
أبوظبي

فراغٌ من أجلِ الكلام
أنبشُ في جسدي
ذات مساءٍ
لأرى ما سوف يشعُّ
على جدرانِ الروحِ
وينهضُ في غيمِ الشارعِ قربي
حينَ أسيرُ
وحينَ أطيرُ ورائي ،
يا جسدي
ما يظهر داخل نَفسي ؟
ما يصقُلني ؟
وحدي يضربُني البرقُ
كأنّي حجرٌ في أُفقِ البحرِ
وتنكرني الأشياءُ
أخافُ لأنّي لا أشعرُ بالرّيحِ
على مرآتي
أين أنا ؟
خلف سرابي ،
كيف تناثر منّي وحيُ الضوء ؟
وأبقى أكتشفُ الجرح
كطفلٍ يلعبُ في موجِ الكلماتِ
يعرّي رمل جنونهِ
يصرخُ : خذني نحو قصورِ الشمسِ
لأصعدَ أو أكبرَ في دربِ الصحراءِ بعيداً ،
أرسمُ نهراً
وأسمّيهِ كتابي
أعبرُ فوق نخيلٍ
علّمني سرّ النجمِ على صورةِ كوني
أحفرُ أرضاً
وأُسمّيها رايةُ رعدٍ في صدري ،
أبحثُ خارج صوتي
ماذا يحدثُ ؟
كنتُ أُحلّقُ كالنّسرِ
وصرتُ أُنادي
بين تفاصيلي والدّهرِ
إلى حُلمٍ
يلْمعُ في المجهولِ ،
تعالي ،
لأجدكِ معي في زنزانتي قبري
بين سؤالي ووجودي
عن إسمٍ لا يُمحى
عن قلبٍ لا يكسرهُ الليلُ
تعالي ،
أنتِ خُلودي ،
وأنا الطالعُ من ألمٍ يحسُرني،
في ماءِ خيالٍ لا أعرفهُ
يموجُ بعاصفةِ النّارِ
يكادُ يصيرُ خُطايَ
ويحرقُني ،.
4/7/2008 ابو ظبي
في فصلِ الشتاءِ
فصلُ الشتاءِ
يُذكّرُ الأحلام فيها
حين كنّا قرب بحرٍ في المدينةِ
حيثُ ريحٍ تخطفُ المنديلَ من يدِها
وتذهبُ في فضاءِ الموجِ ،
في فصلِ الشتاءِ
أقولُ للمطرِ الذي يبكي
على وجهي
تعالَ لكي أراها
كي أُعانق في الوجودِ كلامها
بين الغروبِ على شُعاعٍ
مثل أشكالِ الصباحِ
ووجهها ،
كم أنتِ لي
إن قلتُ في نفسي
أُحبُّكِ ههُنا
إن قلتُ في الحُلمِ الدفينِ
أراكِ في ظلِّ الشتاءِ
وفي صراخِ النّايِ
في وجعِ الرياحِ
أُحبُّ صوتكِ حين يقْرأُ سورتي
كالضّوءِ يأتي
من شروقِ الشمسِ
من زمني
إلى أُفقٍ يغنّي حولنا
من أنتِ
في فصلِ الشتاءْ ؟

31/7/2008
صباح الخميس
قصيدة الصبح
يأخُذُني في صوتِ الروحِ
ويأخذُ حلْمي
صوب كلامِ الريحِ نقيّاً
كالعُشبِ على وادٍ
ما شكلُ الفجرِ؟
وما صوتي في الفجرِ الطالعِ
في الصحراءِ وحيداً ،
أصرخُ في الظلِّ
كأنّي أتبعُ صوت النّايِ
هُناكَ ويركضُ خلفي
كالبرقِ ...
على غيمٍ يخلقُ في الشِّعرِ
تواريخي
نحو ظلامٍ يأتي
يهتفُ : أكتبْ إسمكَ فوق النخلِ
لكي تدركُ معنى الكلماتْ ،
في فرحٍ
يرشِدُ وحيَ الضوءِ
ويهتفُ ثانيةً : أنظرْ لترى في الرملِ المنثورِ
خُطاكَ تطيرُ
إلى خيلٍ تبحرُ ،
إلى قلقٍ ينزفُ ،
حين يراودُني وجهُ أبي
وهو يُناديني
من كلماتٍ
وتشعُّ على أوراقي نجمةُ أمّي
تسحبُني نحو حضورٍ
قرب النّهرِ
هُنا في البعدِ الضّائعِ
هل ما زالَ النهرُ يُغنّي ؟
والدّربُ الممتدّ إلى بيتي
صوب ضَبابٍ
يصعدُ فوق غصونِ التينِ
وهلْ ما زالَ البحرُ
يغيّرُ لون الغيمِ
وراء الجسرِ ؟
سأبحثُ في صمتِ الفجرِ
على أسئلتي ،
وعلى أمنيتي ،
في شعرٍ علّمني
كيف يُدوّنُ في الحربِ
هواء الحبِّ ،
وعلّمني ما سوف يُدثّرُني
في هذا الصبحْ ،.
شعر : باسل عبد العال
صباح الجمعه 22/8/2008

رحيل الجسد وخلود الكلام


رحيل الجسد وخلود الكلام
إلى محمود درويش

أُعدُّ لكي أرى على قمّةِ الحُضورِ وجهكَ النبيّ والمعجزات في كتبُ الحياةِ وأنت تصرخُ في ليلِ الزمانِ :( أنا لستُ لي أنا لستُ لي )، أُعدُّ ليخطلت الدمعُ بالمعنى الأخير هو الموتُ يا درويش كما وصفتهُ وهو السؤال الذي لا جواب لهُ يجيءُ كهدأة الليل على فراش الجسد في وجعِ المنفى ههنا في وحدتكَ الشعريةِ التي خلُدت في داخل كائننا المحاصر بالرياح والحدودِ والغزاةِ أمام اشتعالنا بعشق الأرضِ نناديكَ بكل ما فينا من حلمٍ وصوت ، عُدْ إلينا سالماً من تعب الرحيلِ فأنت لم تمت ما زلت فوق منبركَ العالي كصهوة الشمس ِ تتلو قصيدتكَ التي أصبحت كتاباً مقدّساً وقمحاً نحصدهُ في عيد الوردةِ والجمال يا جدّي الروحي ،
كم عبرتَ هذا البحر وكم حفرتَ فوق رياح الصحراءِ نكبتنا ونحنُ نركدُ فيكَ كالجرحِ في إيقاعِ القصيدةِ ، ماذا أُسمّيك ؟ وأنت الوجود بكل الوجود إلى غيمةٍ معلقةٍ فوق سماء الدّارِ ، هكذا أبكي ويمتزجُ النبضُ بالحنين إلى اسمك الموجوعِ بين أيدينا كالصباحِ الشتائيّ الجديد ، فهل أراكَ ؟ وأخجلُ حين أنظر من هاويتي إلى عُلاكَ ، وأعدُكَ على مواصلةِ الحلم والرقصِ في سبيل شعرٍ يتنفس بالحريةِ والفضاءِ ، وهكذا أصمتُ في سرّي وأسألُ : عن فراغِ السفوحِ من فارسٍ شاعرٍ يكملُ ما تبقى من نشيد الأسطورةِ في شعبٍ يقاومُ من أجل حقهِ في بقائهِ الضروري ،
هو الموتُ يا درويش كما وصفتهُ يأخذنا إلى عالمٍ حيثُ لا مكانَ ولا زمانَ ولا وجود حيثُ هدوءِ النوم الذي قرأناهُ في (( الجدارية )) التي حملتنا إليكَ في البياضِ وهو يوجعُ القلب ، فنمْ كالطفلِ في حضنِ فلسطين لتنبت زهراً جميلاً ، وطرْ كالعصافيرِ في فردوسِكَ الأعلى لينتصر الحب والسلام وتنتصرُ الأغنيةْ .
باسل عبد العال
10/8/2008
مساء الأحد