الجمعة، 30 يناير 2009

"وحدة التراب والدم "

نص جديد لي نشر حديثا في جريدة الاتحاد الاماراتية


باسل عبد العال07/01/2009


إلى غزة ...

في ليلٍ يرقصُ على إيقاع غزة الدموي ويأخذُنا إلى ضوضاء جُرحٍ ما زال يدقُّ أجراس الرّوح ويُشعلُ فينا ما تبقّى فينا من ذكرياتٍ حيةٍ ، قد سمعنا النداء في العرس المقاومِ في حفلة الترا بِ ، مرت كالمسيح على رنين المساء وتجمّعت فوق صبّار الأرضِ وَكان البحرُ يُبدّلُ مشهدهُ الأخير أمام عراء القمر ، ها هو نداء الدم يتزوّجُ الأحلام لكي تشرقَ فلسطين كالكوكب السّماوي بين الشقائقِ ، وها هو المكان يصيحُ في وجه نيرون ،

ربّما هيَ رائحةُ النعناع في وحدة التّراب والماء ، تنهضُ كالزهرةِ كلّ صباحٍ لكي تتوضّأ من طهارةِ النهر والشمسِ وتقرأُ سورة الطين ترتفعُ جسداً يبلغُ السماء ويشعُّ كالضوءِ يُبشِّرُ بالحياةِ ، كالحياةِ التي تشبهُ الشهداء والشتاء يُبلّلُ وجه التين والزّيتون ، مرّ الموتُ على قلب الطفولةِ وهي تولدُ رويداً رويداً فوق حضن النهار المحاصر بالأعداء والمساء يعشعشُ في العويلِ ، لقد مرّ كلّ الموت على الطّبيعةِ والمعنى في الزّمانِ الغائبِ الصّامتِ كالصحراءِ ، هُنا يشبهُ الإنسانُ مكانه ويدافعُ عن تاريخِ أسلافه بكلتا يديهِ بأنفاسهِ هُنا انتصرت الرّوح على العواصفِ من جهتين واستيقطت الرّوح كي تقاوم الرّيح في الظلال والدخانِ يرسمُ الطفلُ غزة على رمل الشاطىءِ ثمّ يحلمُ بالرّبيع ليكمل صورتها بهدوءٍ في طقسٍ صافٍ يناسبُ الأحلام بلا هيجان البرق وقصف الطائرات على خطوتهِ البريئةِ ،
أُحبُّكِ بالحضورِ والغيابِ ، أُحبُّكِ ليس لي إلا كتابكِ المفتوح تحت الشّموع الصغيرةِ لكي أحفظ معناكِ ، ففي البدءِ أنتِ وفي البدءِ أنتِ والله معنا كي ينبلج الفجر من نورٍ ضئيلٍ على درب القدس حيث الولادةِ منذُ البدايةِ حتى النهاية ،
هكذا في زفاف الحقيقةِ تحيا من جديدٍ وتجدّدُ منديلها الأحمر وتمكِثُ في فردوس الوجود ، ولدت على صهوةِ الله حيثُ الصعود ، وانتمت إلى حرّيتِها كالأشجارِ ،
فكيف تموت ؟ .

ليست هناك تعليقات: